المدرسة العراقية ـ من "المعلم" كوديا لـ" الدكتور" خضَيِّر!؟
في قاعة انيقة بمتحف اللوفر بباريس جلس رجل في العقد الخامس من العمر على مقعد جرانيتي رمادي كتبت تحت قدميه ( المعلم كوديا) ..وفي سيرته:
انه اول من تَبَنّى ورعى تدوين فعل الانسان المُنتِج في الزمان والمكان..وترك أعظم مكتبة عرفها التاريخ تضم ثلاثين الف لوح طيني وجدها المنقبون محفوظة ومصفوفة بنظام دقيق وانيق قبل الميلاد بـ 2000 سنة، حيث نشأت أول مدرسة لكتابة ..وتدوين ..وجمع النتاج المعرفي للانسان على الارض في مدينة لكش التي لاتبعد سوى عشرات الكيلو مترات عن مسقط رأس الدكتور خضير الخزاعي وزير التربية اليوم!؟
تلك "المدرسة السومرية" العراقية التي كانت أهم شواخص"التاريخ" المُدَوَّن لتأنسُن الأطوار المتعاقبة من القطعان التي كانت تهيم على سطح كوكبنا.
ولم تكن ميزة تلك "المدرسة" انها استثمرت (إختراع السومريون للكتابة في عصر الوركاء حوالي منتصف الالف الرابع قبل الميلاد ـ ذلك ـ الاختراع الذي إستلزمته حاجات التطور الحضاري في بلاد الرافدين في أواخر عصر ما قبل السلالات، كالحاجة الى تدوين الواردات وضبط الحياة الاقتصادية في المؤسسات المدنية والدينية). "طه باقر. مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة : القسم الاول. تاريخ العراق القديم.ص307-308"
بل انها كانت نقشاً لن يُمحى من ذاكرة البشرية لـ"رؤية" و"منهجية" و "قيم" و"ثقافة" و "المفهوم الاخلاقي للتعليم" عند بُناة الحضارة البِكر للانسانية..فقد (كشفت بعض أعمال الحفر عن حجرة دراسية قديمة يعود تاريخها الى حوالي ـ2000 سنة قبل الميلاد ـ وجدت على أرضها ألواح طينية لبنين وبنات فيها حكم أخلاقية تَحُثُّ على الفضيلة)."ديورانت:المصدر السابق:ص 238"
وماهي الحكم التربوية والاخلاقية التي تغرسها المدرسة العراقية اليوم في عقول وقلوب وضمائر بناتنا وابنائنا؟! غير استبدال عبادة الصنم الواحد بتقديس الاصنام المتناحرة..وتلويث عقول الفتيات والفتيان بطاعون الشك الغرائزي..والحط من مفاهيم التكامل والتجانس بينهم...حيث يطل برؤوسهم ورثةُ " وَئد البنات " ودعاة قبر الفتيات في مدافن البيوت المظلمة كمواضيع لغرائزهم الحيوانية!
بعد ان كانت المدرسة ـ قبل أربعة آلاف سنة ـ مشتركة بين البنات والبنين كأخوة يطلبون العلم والمعرفة ..وثالثهم المعلم لا الشيطان! كما ان طاقة ـ المدرسة السومرية ـ المعرفية وثرائها الفكري وقدرتها على نشر لغة ـ التفكير والتعبير ـ ( المسمارية ) التي اخترعها السومريون جعلت منها ينبوعا للغات وثقافة و"مدارس" الامم الاخرى..فقد ( اشتق عن الخط المسماري الخطوط الاكدية والبابلية والاشورية في اطار بلاد مابين النهرين.اما خارجها فقد انتشر في اقطار عديدة من الشرق الادنى ،فإتخذه العيلاميون والحيثيون واستخدمه الفينيقيون من اجل وضع ابجديتهم واقتبسه اقوام الاوراراتو والميتانيون والحوريون والفرس الاخمينيون)"جماعة من المؤرخين السوفييت/تاريخ العصور القديمة:ص "126فأي "رسالة معرفية "تنشرها المدرسة العراقية اليوم؟
مدرسة ـ الطوائف المتحاصصة ـ التي يعتقد القائمون عليها بأن الإرتقاء بها يكمن في :حذف بضعة اسطر من الكتب تُمَجِّد الدكتاتور لتحل محلها صفحات من "البغيج"!..مع الحرص على رعاية الكلاب السائبة بين فصولها ..وطغيان مجاري المراحيض في ساحاتها..و( استخدم الكُتّاب ـ السومريون ـ الطين "الصلصال" من اجل اعداد الواح الكتابة.....وفي حال الفراغ من الكتابة كانت تسلم نسخة منها لكل من يهمه الاحتفاظ بواحدة.وغالبا ما كانت تودع نسخة اخرى في محفوظات المعبد او القصر.وكان امين المحفوظات يخزنها في سلال عليها بطاقات وضعت بعناية .وكانت البطاقات من الطين كذلك.( ديورانت،وول:قصة الحضارة ج2 ص 238 )وقبل ان تَدُبُّ على اليابسة في أقاليم العالم الأخرى غير الدواب..
§ إستخدم العراقيون الاوائل أبسط وأول مكونات الحياة على الأرض ـ الطين ـ لتدوين أبجديتهم وتأريخهم وثقافتهم وصيرورة "مدرستهم" ـ
§ ووضعوا أسس أول ـ مدرسة ـ للتوثيق في التاريخ..
§ وانشأوا أول تنظيم إداري متقدم للوثائق ( خالِ من الرشوة!!)..
وندعوكم اليوم لزيارة ـ مقابر وثائق وزارة التربية ومديرياتها ـ ولن نخفيكم سراً ..فـ ـ أُمناء اللاّ ـ محفوظات ـ اليوم ، يواجهونكم عندما تسألون عن ملفاتكم :
عيني إحترقت أيام الفرهود!..
ماعدنه إلك ملف!؟..
روح دوّر بغير مكان!!!..وين متريد تروح تدوِّر ..دوِّر!!!
و ( لأننا في مرحلة ديمقراطية.. فـ ـ أُمناء اللاّ ـ محفوظات ـ يتركون لك المجهول مفتوحاً...ولم يفرضوا عليك مكاناً محدداً ـ تدوِّر بيه ـ !!!!!!).
وقررت ـ ذلك النهار ـ ان اقصد المتحف العراقي وأسأل ـ امين المحفوظات السومري ـ ..عن ما آلت اليه احوال ـ التعليم ـ وـ التوثيق ـ في العراق!.
وعندما تطل بعينيك ـ اليوم ـ وانت مكتوم الأنفاس الى أكداس المزابل يَنهَرُكَ ـ أُمناء اللاّ ـ محفوظات ـ!!!! ـ في وزارة التربية وغير وزارة التربية:
عيني هذي وثائق سرية..ممنوع تقترب منها؟!
(ربما خشية من ايقاظ أمّة الأبوبريصات المستوطنة فيها!)
(كان مدير المدرسة السومرية يدعى ـ اوميّا ـ اي الخبير او الاستاذ ، ومن ألقابه ابو المدرسة..ووجد بالمدرسة موظفون : الاخ الكبير الذي يكتب الألواح للتلاميذ كي ينسخونها ، والمشرف على الرسم ، والمشرف على اللغة السومرية ..)" د.نعيم فرح: تاريخ حضارات العالم القديم وماقبل التاريخ ص 132"
في المدرسة العراقية قبل اربعة آلاف سنة ..نلتقي:
1. مديرٌ ..استاذٌ..خبيرٌ ..لُقِّب بـ(أبو المدرسة) من شدة عمق إنتماء المدرسة الى عقله وروحه ..كعلاقة الاب بإبنه!
2. ممنهجٌ للنصوص ومرشدٌ لاتجاهات ثقافة التلاميذ ( الاخ الكبير)!
3. مشرفٌ للرسم..يُحَفِّز فيهم موهبة استنطاق المحيط والتعبير عن رؤاهم!
4. مشرفٌ للغة..يُقوِّم ألسنتهم..ويُمكِنَهٌم من حُسنِ استخدام اداة التفكير والتعبير!
ومن نلتقي في المدرسة العراقية اليوم؟!:
1. مدير بالمسدس والزيوتوني..وخَلَفَهُ مديرٌ..يَلطُمُ الخدين!؟
2. متوعدٌ ينشر الأباطيل.. وخَلَفَهُ واعظٌ ينشر الاضاليل!
3. داعية لتقديس رسوم الاصنام.. وخَلَفَهُ مفتي يُحَرِّمُ الرسم ويُكفِّرُ الرسامين!
4. ماسخُ للغة.. وخَلَفَهُ مُعجِمٌ للحروفِ..
في الوقت الذي..
( يكشف عدد من الالواح التي يعود تأريخها الى عصر حمورابي ان مناهج التعليم المقررة وهي : قراءة وكتابة العلامات البسيطة أولاً مع دراسة قيمتها الصوتية ..ثم تعلم التلاميذ تدريجيا إستعمال مجاميع العلامات والاشارات .. ثم الصيغ المتداولة .
وكان التلميذ يُعطى بعد ذلك دروسا في النحو في صورة الصيغ المختلفة من تصريف الاسماء والافعال ..وينهي تعليمه في آخر الامر بدراسة الرياضيات : قواعدها الأربع ، والموازين ، والمقاييس ، والمعايير ، والمسكوكات )."ديورانت :المصدر السابق.237-238"
فإن ـ المدرسة ـ العراقية اليوم تعلم التلميذ ـ النحيب والتبجيل ـ بعد ما رسَّخَت ـ مدرسة الدكتاتورية ـ في عقله وروحه ولسانة ـ الخوف والزعيق ـ!..وهُزِمَت اللغة في مناهج التعليم ..ونآى المعلمون عن:
عشقها ..
وتعظيم شأنها ..
والغور في بحورها ..
وإتقان لفظها ..
وبيان معانيها ..
ونشر ثرائها ..
وتطهير مخارجها من العُجْمَة وإبتدائها من السكون!..
حتى صرنا اليوم ننفر من مذيعي وسائل الاعلام ونلعن المدارس التي أقحمتهم في مسامعنا..ونشعر بقشعريرة الحياء عندما يصعد سياسي الى منصة الخطابة يُخَوِّض بأقدامه في أمعاء اللغة..ونذكر وصف إبي بكر الصديق حينما سمع إعرابي يُعجِم في لفظه (كإنه يطحن قرونا بالرحى)!!
( كانت المناهج المقررة في هذه المدارس تشمل تعلم الكتابة المسمارية واللغتين البابلية السامية والسومرية.وكان التعليم العالي يشمل المعارف الرياضية والموسيقى والفلك والطب وشؤون القانون ، وكانت هذه المواد على الأكثر فروعا للإختصاص يتفرع عنها جماعة خاصة من المتعلمين ، وكانوا يتلقون مثل هذه الدروس العالية في معاهد خاصة .(طه باقر:المصدر السابق ص 312-313 )
قبل اربعة آلاف سنة كانت المناهج الدراسية رائدة البحث والتنقيب في اسرار الكون وكينونة الانسان ..وكانت مصادر التلاميذ متنوعة وشاملة أساسيات مايحتاجه الانسان للاسهام في بناء الحضارة والمدنية ـ الرياضيات والموسيقى والفلك والطب وشؤون القانون ـ ( العلوم والفنون..لان الامم بلا علوم همجية ..وبلا فنون بربرية!!)..
واليوم تتعثر مناهج "المدرسة" العراقية في آخر ركب التعليم في العالم بعد ان كانت مُؤَسِسَة لأرقى مناهج التعليم في العالم قبل اربعة آلاف سنة.. فلا العلوم المتقدمة تجد بيئة صالحة لها في ـ المدرسة ـ العراقية ، ولا الفنون تجد من يرعاها..رغم شغف العراقيين بالعلم وهيامهم بالفنون!؟
فاين هو دور العلوم في مدرستنا اليوم وماهي مكانة الفنون في مناهجنا..ونحن نعيش في بلاد ..كان بُناتِها الأوائل ـ الكلدانيون ـ قبل اربعة آلاف سنة يعرفون ( الموسيقى وطوروها حتى اصبحت علما له اصوله وقواعده )" د.نعيم فرح:المصدر السابق 175".
وأدركو أهمية الفنون التشكيلية في تهذيب الذوق وتعميق التأمل وتوثيق الحضارة وإنتاج التمدن ..( استمر فن النحت والنقش في تقدم مطرد حتى عصر ـ كوديا ـ وملوك اور.)" ديورانت:المصدر السابق224".
وفي الوقت الذي تٌعَلِّمُ المناهج الدراسية العراقية التلاميذ وتغرس في نفوسهم ـ اليوم ـ بإنهم ـ مشروع للاستشهاد ـ في زمن الدكتاتورية ـ و ـ سُعاةٌ للقبور ـ في دولة الطوائف..وإختزلت أُفق تفكيرهم في زمن الدكتاتورية بالصراخ المُجوَّف للقائد الضرورة ..ولأٌمراء الطوائف في دولة المحاصصة..
( كانت المناهج تحث الطلبة على التعلم.ومن الحكم البابلية في تشجيع التلاميذ على التعلم ـ من يتفوق في كتابة الرُقُمْ سيضيئ كالشمس ـ )." د.نعيم فرح:المصدر السابق ص 132".
فالتلميذ المتفوق يضيئ كالشمس ..لا التمليذ الموالي للسلطة..فمعيار المدرسة ـ المعرفة ـ لا الولاء!..وفقدت المدرسة العراقية مضمونها ووظيفتها ومكانتها ودورها المعرفي والتربوي والتنموي والقيمي منذ ان إجتاحتها أعاصير العقائد وجيوش التحزب وغوغاء الطوائف ..وحوَّلتها الى خنادق متخلفة للولاء ، بدلا عن ينابيع متدفقة للمعرفة والتنمية والتحضر والإنتماء لحركة التطور المتصاعدة!..
وأصاب المدرسة العقم..فلم تنبثق عنها او تنشأ مؤسسات للبحث اومراكز للعلوم المتقدمة او تيارات متنوعة للفكر..او معاهد للدراسات البحثية المتخصصة ..ولا مكتبات غنية بالمعلومات في ـ المدرسة ـ !
فيما..
( كان في بلاد مابين النهرين مؤسسات خاصة بالبحث العالي ـ بيت/ مومي في البلبلية ـ يقابلها اليوم الاكاديمية او معهد الدراسات العليا.ومن المؤسسات العالية الخاصة بالجمع والتأليف خزانات الكتب ويسمونها بيت الالواح او الرقم ـ اي ـ دبا بالسومرية )." طه باقر:المصدر السابق ص 312 ".
..............
ولكي لايعاتبنا " السيد وزير التربية " ويرد علينا بقول المتنبي:
هذا جَناهُ عليّ أبي وماجَنيتُ على أحد!
اي هذا ماورثته من النظام السابق ولست انا المسؤول!
نقول:
ان وزراء في حكومتكم أنجزوا مايُثنى عليه في الزمن الصعب..
ومن حقنا أن نتساءل:
ماذا فعلتم لانقاذ اجيال العراق من الكارثة التربوية والتعليمية التي يغرقون بها منذ اكثر من عقدين..
فبعد ان خرج العراق في سبعينات القرن الماضي من قائمة الدول التي تعاني من الامية..تجاوزت نسبة الامية اليوم 30% من السكان ، واكثر من 40% من سكان الريف.
ويُحْرَم 25% من الاطفال من الالتحاق بالمدارس رغم وجود قانون التعليم الالزامي الذي سَنَّهُ النظام السابق.
ويترك مايقرب من 20% من الاطفال المدرسة قبل إكمال الدراسة الابتدائية.
ولايستطيع مابين 30-35 % من الطلاب مواصلة الدراسة المتوسطة والعبور الى المرحلة الاعدادية.
ويُحْرَم مايقرب من 30% من خريجي الاعدادية من إكمال الدراسة الجامعية.
وينضم اكثر من 50% من خريجي الجامعات الى جيش العاطلين عن العمل.
وهذه الارقام الكمية لاتزيد خطورة عن تَدنّي ـ نوع ـ التعليم وإبتعاده عن متطلبات التنمية وإحتياجات سوق العمل ومستلزمات بناء الشخصية المُبدعه والمُنتجة..فالمناهج الدراسية وطرق التعليم ووسائل التعليم وادارة المؤسسات التعليمية ومنشآتها التدريسية ..بعيدة عن خلق المهارات وتحفيز الطاقات ورعاية القدرات وتنمية الامكانيات التي يتمتع بها بناتنا وابنائنا..بل ان ـ المدرسة ـ مََحجََرٌ قسريٌ للطلاب تُحشى فيه عقولهم بـ نفايات المعلومات ـ التي تجاوزتها إحتياجات انسان هذا العصر..
ومازال في هرم المؤسسة التعليمية من يجهل ان هذه ـ المؤسسة ـ وجدت لخدمة التلاميذ!؟..
فالمناهج والمباني المدرسية والمعلمون والمدرسون وطرق التدريس ووسائل التعلم..تشكل حزمة متكاملة من العناصر الضرورية لإنتاج المعرفة ـ المادية والروحية ـ..ومعيار ذلك هو:
نجاحها في إعداد جيل مُنتج ومبدع وبنّاء ومتسامح ومتحضر..
لان خلاف ذلك يفضي الى انتاج بيئة متخلفة تفرز التطرف .. والتطرف هو المصدر ـ اللاّمعرفي ـ الأساسي للارهاب!..
حيث يشكل الطلاب المُحبطون في الدراسة الكتلة الرئيسية في جسد الحركات المتطرفة بمافيها الحركات الارهابية او التيارات المتشددة في الاحزاب والحركات الحاكمة.
ومن حقنا ان نتساءل..مرة اخرى:
كم يبلغ عدد الطلاب الذين أنتجتهم ـ مدرسة ـ عبادة الصنم الواحد وأصبحوا مصدراً أساسياً للتنظيمات الارهابية؟!
وكم سيبلغ عدد الطلاب الذين تنتجهم اليوم ـ مدارس ـ عبادة الاصنام الطائفية ..وسيكونون غداً كتائب للموت والتخلف والفساد؟!.
وكم عدد حملة الشهادات المُجَوَّفة بثقافة دولة الخوف الذين يتحكمون اليوم بالمؤسسات التعليمية والثقافية والمعرفية والتربوية..؟!..وما مدى خطورة الأوبئة والديدان التي تستوطن في شهاداتهم ـ العلياـ على وعي وسلوك وثقافة وتوجهات ونمط تفكير بناتنا وابنائنا؟!
وكم عدد المعلمين والمدرسين المدججين بالتطرف والتخلف والسطحية الذين ينفثون سموم الجهل والطائفية والعرقية في عقول الاطفال .. تلك العقول التي تولد مُتَّقِدة وتَخمِدُ المدارسُ المتخلفة سراجها؟!.
وكم عدد ـ خريجي المدارس ـ الذين لايقرأون ولايكتبون؟!
وكم عدد ـ خريجي المدارس ـ الذين يقرأون ولايفهمون ..ويتسلطون؟!
وكم عدد ـ خريجي المدارس ـ الذين يفهمون ويُحَرِّفون ويَستأثرون؟!
وكم عدد ـ خريجي المدارس ـ الذين يُحَرِّفون ويَحكمون ويُفسدون؟!
وكم عدد ـ خريجي المدارس ـ الذين يَجهلون ويَقضون ويَقتلون ويَتبعهم الغاوون؟!
ان المدرسة ..نافذة الاجيال المطلة على العالم الشاسع بزمانه ومكانه..ولهذا ينبغي ان تكون مشرعة دائما على كل المعارف والثقافات والعلوم والفنون والمهارات والتقنيات..منتمية الى كل الامم..وجامعة للعقول والقلوب..ومصدرا للتنمية..
ولهذا ..
لايمكن ان تكون تلك النافذه المعرفية ـ المدرسة ـ ..محاطة بالمستنقعات وتجتاحها قطعان الذباب وتستوطنها الاوبئة وتصفر فيها رياح الهجير وسعير البرد..
فالعراق بحاجة الى بناء أربعة آلاف مدرسة جديدة ( حسب احتياجات اليوم) ، والى إحلال اكثر من الفي مدرسة وإعمار مثلها..
وحملة الاعمار لم تُنجز سوى :
بناء 300 مدرسة فحسب!!
ولم نسمع صتيتاّ للاستنجاد..او تململ مُعترضٍ .. فوق عرش وزير " التربية " الخاوي....
فيما يتردد في عقولنا وضمائرنا أنين " المعلم " الحُرِّ كوديا من منفاه في متحف اللوفر بباريس..
وهو يختنق حسرة على إندثار ـ المدرسة العراقية ـ !!
وطَفحُ صديد التخلف ـ المعاصر!ـ على ألواح الطين السومرية المدبجة بالفكر الرائد..
وسط صمت التربويين الذين كانوا يوماً طليعة إنتفاضاتنا من أجل التغيير ..والمبادرون بـ ـ عقولهم ـ لإضاءة الدرب لابنائهم التلاميذ ..كي لاتتلوث ـ المدرسة العراقية ـ بوحول التجهيل وقِفار المجهول..بعد ان مُرِّغَت ببارود التخويف وظلمة التيئيس!؟
فمتى نتدارك السقوط الى الهاوية؟!!!