دور التربية الفنية في حياتنا اليومية
________________________________________
للتربية الفنية دور كبير في حياتنا الإجتماعية ، في عصرنا الحاضر ، حافلة بالتغيرات الفنية المختلفة العفوية منها، والتلقائية فكثير ما نجد الإنسان ينحت و يرسم . يتعامل مع الفن بعشق ، ومحبة وحنان . وذلك ليكون شخصيته الإجتماعية ، والحضارية . خاصة ، وأن الفن ، في عصرنا ، أصبح كلمة على ألسنة الناس ، ولحنآ يدخل أعماقهم ، فيطربهم ، ويهز مشاعرهم ؛ ورمزا من رموز الوعي ، والذوق والثقافة (المتاحف ـ المجلات ـ اللوحات..) من هنا يبرز إفتخار الأمم و الشعوب بفنانيها و مفكريها نعم للفن أهمية كبرى لا غنى عنها أبدا ، فهو يمس خصائص حياتنا اليومية ، كالملبس و المسكن والاثاث . فأي نشاط إنتاجي أو صناعي يخلو من الذوق الفني ، و الإبداع المحبب ، هو إنتاج رتيب أو رخيص . وأية صورة طبيعية تبدو حولنا خالية ، من مسحات السحر و الجمال ، هي صور جافة وميتة فلا يمكن أن نتصور الأرض دون أن تنبت أخضرا أو شجرا ، ولا يمكن أن نتصور السماء رمادية اللون . ولا كل الوجوه الإنسانية صور مكررة دون تغيير . و المباني لونها كلون الطين.
وكذلك ، لا يمكن تصور إنعدام الخط ، واللون ، فيا لها من حياة إنسانية تحيط بها هذه البيئة المحطمة الهشمة ! إنه الإنسان ، في مثل هذا الواقع ، سيلجأ إلى إرتكاب الجرائم ، وإعتناق الشر طريقا..
لأن الذوق الجمالي مغروس في الإنسان منذ وجد ، فهو لا يقدر أن يعيش بدونه ، ولا يرضى بشيء آخر بديلا عنه منذ طفولته . ومنذ أن درج على الأرض ، أخذ الفن يناجيه ، وأصغى هو بدوره إليه.
من هنا ، أصبح لزاما علينا أن نهتم بالفن و الإبداع ؛ ننميه في أطفالنا الصغار ، وهم على مقاعد الدراسة ، أو في غرفة في البيت ، نرعاهم ، ونوجههم ، دون المساس في جوهر تعبيرهم ؛ نؤمن لهم كل ما يلزم ، من أجواء و مواد و خامات ، لكي يكون بإستطاعتهم العطاء ، العطاء النافع و البناء . لأن في الفن ، يرى الطفل شخصيته المستقلة ، ويرى ذاته القادرة ، عدا عن تهذيب العقل وصقل الروح.
الطفل ولد مع التعبير و الحركة والخلق ، فهو منذ إيقاعه الأول ، إيقاع الحركة و المشي ، يلصق القلم على الورقة معطيا خطوطا عشوائية ، ليس لها إيقاعي خاص ؛ وتطورت هذه الخطوط ، مع التقدم الزمني و الإجتماعي للطفل ، حتى أصبحت خطوطا متشابكة في كل الإتجاهات ؛ فكان أن ظهرت بوادر الرسم البندولي المتشابك ، يرسمها وهو منبطح على بطنه ، وكأنه يمارس الرسم بجسمه كله . إنطلاقا من هذه الخطوط ، وهذا التعبير ندعو إلى الإهتمام بأطفالنا من خلال التربية الفنية. التربية الفنية يجب أن نعممها في كل المؤسسات التربوية العامة والخاصة . لا من أجل أن نصنع من هؤلاء الأطفال فنانين ورسامين ؛ بل ،لكي يمارس الأطفال عملية الرسم والتلوين بحرية وعفوية ؛ ليتذوقوا ما في هذه الممارسة من متعة للشعور وللتفكير ؛ خاصة وأن الفن لم يعد يقتصر على الفنانين المحترفين ، ولا على المتاحف ، وصالات العرض ، بل دخل حياتنا العامة والمدرسية ، وأصبح وسيلة تربوية أساسية ، يلعب دورا مهما في بناء الشخصية الإنسانية المتكاملة . فالقصد إذا من برامج الرسم و التلفزيون في المدارس ، هو شحذ حواس الطفل، و إيقاظ نشاطه الفكري الحر. والله من وراء القصد]